بعد أن انتهى مونديال كأس العالم لكرة القدم الذي أقيم في ألمانيا تحديدا عام 1974، تراجع مستوى المنتخب الإيطالي كثيرا. فما لبث أن مُني بهزائم عديدة سواء في كأس الأمم الأوروبية أو في بطولات أخرى عديدة. وقد دفع هذا الاتحاد الإيطالي في آخر عام 1976 إلى القيام بخطوة هي الأجرأ في تاريخ المنتخب الإيطالي. وهي ما سوف تحدد مصيره فيما بعد. وكانت هذه الخطوة هي تعيين إنزو بيرزوت مدربا لهذا المنتخب. ليتمكن بذلك من الانتقال بمنتخب إيطاليا من قاع الخسائر إلى قمة الكرة العالمية حيث كبرى البطولات والانتصارات. ليحبه الإيطاليون ويلقبونه بمدخن الغليون الرائع، ويصير متربعا على عرش أقوى المدربين الذين قاموا بتدريب إيطاليا. وإليك بداية القصة.


ذكاء إنزو بيرزوت


كان الاختبار الحقيقي لرؤية إنزو بيرزوت في التدريب مع منتخب إيطاليا عندما تم الإعلان عن قرعة المجموعات في تصفيات كأس العالم لعام 1978، حيث قد وقعت إيطاليا في المجموعة الرابعة مع كل من منتخبات إنجلترا وفنلندا ولوكسمبورغ. ورغم أن فريقي فنلندا ولوكسمبورغ ضعاف للغاية. إلا أن فريق انجلترا كان في منتهى القوة وقتها. ومع ضعف مستوى المنتخب الإيطالي، توقع الجميع بمن فيهم الصحافة الإيطالية وقتها خسارته دون شك من انجلترا وبالتالي لن يكون في كأس العالم هذا العام.

هنا ما لبث بيرزوت أن قام باختيار لاعبي المنتخب من الشباب ثم اختفى تماما بعدها. حيث سرت أخبار في إيطاليا بأسرها أنه قد سافر لدراسة الخصوم. أي خصوم يا بيرزوت تدرس يا ترى؟ لابد وأنك تدرس المنتخب الإنجليزي فهو الأقوى الذي يستحق الدراسة. أما الفريقان الآخران فضعيفان ومن الهواة أصلا. لكن في الواقع لقد سافر بيرزوت لدراسة الفريقين الضعيفين مخيبا بذلك توقعات الكثيرين.

وهنا قامت الصحافة الإيطالية ولم تقعد متهمة بيرزوت بتبديد المال فيما لا يفيد.كون المنافسين لا يستحقان تضييع أي وقت أو مال لمعرفة أسلوب لعبهما. وهنا يبرز ذكاء إنزو بيرزوت الذي ينم عن مدرب مخضرم عالي المهارات. فمباراة إيطاليا وانجلترا هامة فعلا. لكن تتساوى فيها قوتا الخصمين. لذا فمن الضروري التفكير في الخصمين الضعيفين. وذلك لأن نقاط مبارياتهما التي يحددها الفوز وعدد الأهداف هي من ستحدد من سيصعد في المجموعة دون شك.


إنزو بيرزوت تتحقق نظريته


ففي روما، حققت إيطاليا الفوز على إنجلترا بهدفين مقابل لا شيء، لكن في مباراة انجلترا، فاز الإنجليز هم أيضا على إيطاليا بهدفين مقابل لا شي. وهنا جاء دور فنلندا ولوكسمبورغ حيث فازت إيطاليا في مبارياتهما معها بفارق أهداف كبير. وكانت المباراة الأخيرة مع لوكسمبورغ التي فاز فيها المنتخب الإيطالي بثلاثة أهداف مقابل لا شيء هي من وضعت قدم إيطاليا في كأس العالم 1978. 

والسر في الفوز على فنلندا ولوكسمبورغ بالطبع كان بفضل المعلومات التي جمعها إنزو بيرزوت في رحلاته التي بعد أن كانت تصفها الصحف بأنها رحلات غير مجدية، لم تتحدث عنها عند التأهل لمونديال عام 1978 مطلقا. ليثبت بهذا بيرزوت جدارته. ويكون هذا النجاح بداية لنجاحات أكبر وأضخم في بطولات كرة القدم العالمية لمنتخب إيطاليا على يد هذا المدرب الماهر.